مكة المكرمة وفي بقعة واحدة جمعت ثلاث قمم خليجية، عربية، إسلامية ورؤساء وفود لما يقارب من الستين دولة، إلى جانب أكثر من مليونين معتمر في أحد أكثر مواسم السنة ازدحاماً، ومع ذلك نجحت القمم الثلاث وأدى المعتمرين شعائرهم بكل يسر وسهولة ، وسط أجواء روحانية رفعت الحس الإيماني لدى المتابعين في أرجاء العالم، ما يعني أن السعودية الجديدة دائماً مستعدة للنجاحات المتكررة في الإدارة والسياسة والاقتصاد، وأنها قادرة على العمل في شتى المجالات وبنفس الكفاءة وفي وقت واحد.
الصور المرسلة من الحرم المكي الشريف أثارت الكثير من الإعجاب، سوأ المنقولة من الساحات الخارجية الممتلئة بالمصلين أو صحن الطواف المكتظ بالطائفين، والطوابق المشيدة لاستيعاب العدد الكبير من الزوار، دلالة على أن شهر رمضان المبارك هو الموسم الأول لضيوف الرحمن وربما يتجاوز موسم الحج من حيث عدد الزائرين خلال شهر، ولكن ليس هذا إلا جزء من برنامج اسمه “خدمة ضيوف الرحمن” واحد من أكثر أفكار “رؤية المملكة 2030” والذي سوف يدهش العالم، ويهدف إلى إحداث نقلة نوعية في خدمة الحجاج والمعتمرين، والتي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسيبدأ العمل به فوراً ويستكمل تدريجياً على مدى سنوات الخطة ليستقطب ثلاثين مليون معتمر وخمسة ملايين حاج في العام، بالفعل رقم هائل جداً مقارنه بالتسعة ملايين حجاج ومعتمرين في السنة حالياً، هذا يعني أن مكة المكرمة والمدينة المنورة ستكون في حالة حج شبة يومي وعلى مدار العام، ولهذا يتطلب عمل جبار مشترك وتنسيق بين وزارة الحج والعمرة والمؤسسات الحكومية والأهلية لهذا العدد الهائل، وفي كل عام تتسابق مؤسسات الدولة للمشاركة في تنظيم عملية الحج والعمرة وفق تنسيق خطة عالية، وكما أن شغف الكثيرين من المواطنين للعمل التطوعي لخدمة ضيوف الرحمن جعل “رؤية 2030” تضع هدف مليون متطوع سنوياً في حساباتها، والعمل متواصل والأفكار الرائدة تطرح في كل حين ليصبح التنظيم دقيق، لتغطية الطلب المتزايد على زيارة الحرمين الشريفين من الداخل والخارج، ولهذا تنشغل الدولة بحكومتها وأفرادها ومؤسساتها بالكامل بضيوف الحرمين الشريفين طوال السنة لأداء واجب الضيافة، ويقف على هذه الجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان شخصياً متابعاً ومراقباً وسعيداً بهذا الشرف العظيم الذي شرف الله به السعودية عن غيرها من الدول، وقد شكلت هيئة ملكية لمدينة مكة والمشاعر المقدسة يرأس مجلسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صاحب مشروع الرؤية والذي أخذ على عاتقه تغيير السعودية لتكون واحدة من أكثر الدول تطوراً.
وعند اكتمال جميع المشاريع المقسمة على سنوات الرؤية، وإصلاح القوانين لتسهيل الحصول على التأشيرات والسفر والخدمات وتحويل الذهاب إلى مكة من مهمة شاقة نتيجة الزحام إلى مهمة سهلة، ستكون مكة المكرمة أكبر مدينة في العالم تستقبل هذا العدد من البشر سنوياً.
ak.alzebdah@gmail.com