كلمة أشباح في اللغة العربية وكما توردها بعض القواميس تعني مابدا غير جلي ، أو طيف خيالي ووهمي ، وهذا ماينطبق تماماً على جملة المخاوف التي تسكننا منذ نعومة أظفارنا ، والبعض منا للأسف بات رهينة قيدها ، وسجين في دوامتها ، ولم يتحرك قدر أنملة لمعرفة حقيقتها ، والرسالة من وراء إلحاحها الذهني عليه ، علماً من معرفته اليقينية أنها نسج خيال، ولا تمت للواقع بصلة إلا إذا مدها بمدد المشاعر ذات الكثافة الحسية العالية .
أحياناً بعض تلك المخاوف نرثها كابر عن كابر ، تربينا عليها وتبرمجنا ، وهذا الأرث المزعج ، نورثه أيضاً للأبناء من خلال تكرار كلمة سامة وحادة كأن يقول أحدهم أن الحياة معركة ، أو أن الحياة غابة ،وأن الشر يتقدم في الحياة مع تقدم الزمن ، وأنه لا مكان للطفاء الطيبين في الوقت الراهن ، أو حتى يقول ” راح زمن الطيبين ” ولم يبقى إلا ….. ، وكأنه يقول ونحن من الثلة الأخيرة التي يغيب منهم وعنهم الخير مطلقاً !!.
علينا جميعاً مسؤولية تجاه ذواتنا ، وأبناؤنا في فهم إطار تلك المخاوف ونتقبلها بشكل تدريجياً كي لا تنشأ مقاومة المقاومة في داخنا إتجاهها ، ثم نسلم بوجودها في حياتنا ، لندرك حقيقية أن جزء كبير منها ماهو إلا غير حقيقي من صنعنا الشخصي والذي يتولد منه أمور لا تحمد عقباه ، نظراً للهدر المشاعري والزمني الذي لا يجعلنا نتقدم أكثر في الحياة ، وتكون لنا المكانة التي نحلم بها ، ونخاف من طريقها الوهمي !.
وفي الحقيقة نحن نفهم جيداً أن الخوف يحجب عنا الكثير من الفرص والنجاح والتميز ، والذي لربما يكبر يومياً فينا ، وليس لدينا سلاح المغامرة الذي يملكه الأخرون ، وهو الثقة بالنفس ،والإقدام بشجاعة نحو الحياة الحقيقية التي يتلذذ بها الفرسان ، ونحن نقبع في قمقم ” الخوف ” ، مما يجعلنا نحرسه بصلابه ، ونراقب عن كثب نجاحات الناس من حولنا ، ونتمنى لهم حسداً أن يكونوا أقل مما هم فيه.
إن كنت جاداً في قبول الخوف وتخطيه نحو جياة أجمل ، وواقع ألذ ، ماعليك إلا أن تسأل ذاتك ، كيف وصل العظماء والنجباء لمآلاتهم وأهدافهم ، هل فعلياً وضعوا حجم للخوف ومقاس واقعي ؟ ، هل كانت لديهم شجاعة كافية للإقدام ، لتعي وتفهم كيف أنطلقوا نحو ماأرادوا وخططوا ، فكان لهم إحراز قصب السبق الذي يسيرون له كل يوم بهمهم وعزيمتهم .
إذا كان الخوف قد أخذ مأخذه منك ، وأنت لا تستطيع الفكاك منهم ، فحاول أخذ استشارة من مختصين ، ومن المهم رغبتك الأكيدة في التشافي والخروج منه ، لأن التعافي الداخلي ركيزة هامة في التشافي العضوي والنفسي على حد سواء .
والأهم قرعك المستمر لأبواب السماء أن يزيح عن قلبك ماألم به ، وطاف ، وأحاط ومعه أظلمت سرج ليلك ونهارك عن التقادم بالحياة ، وأطلب المدد والعون منه ، نحو الطمأنينة والإنشراح ونفع ذاتك ومجتمعك بإذنه وتوفيقه ، كما عليك التعرف والتطبيق بعض التقنيات النفسية التي تساعدك للخروج من سيطرة تلك الأشباح عليك .
المهم أن تفك القيد من تلك الأشباح وسيطرتهم التامة عليك ، إما بالبيع أو بالتنازل ، لتكون ذاك الشهم المقداد الذي يسجل رقما صعباً في حياته أولاً ثم مجتمعه ، وأنت كذلك .
التعليقات 1
1 pings
أمنيه أحمد
10/02/2018 في 10:36 ص[3] رابط التعليق
حقيقة يعيشها المجتمع بكافة طوائفه مع اختلاف الأشباح ? وقد تكاثفت في الآونة الأخيرة بسبب البعد عن الدين وضعف الايمان حرى اصبح كل شئ يمثل هاجس او شبح للانسان ونسي أن الله قادر على كل شئ. شكراً دكتوره وفاء على الطرح المتميز .