الحياة موجة تمر بنا سريعاً يتصارع فيها البشر وتسلى فيها الأفئدة وتسهى فيها القلوب وتعشق فيها العيون وتعجب فيها النواظر وبين هبة وهبة حب وألفة وخير وحق وبين بغض وكره وحسد وظلم فأي الفريقين ينتصر إما ظالم ومظلوم وإما حاسد ومحسود وإما فاتن ومفتون وبين فقير وغني وضيف ومضيف وكريم وبخيل وبين متكبر ومتواضع وقنوع ومتشاءم، فالحياة إما غفلة وإما توفيق وإدراك كالقارب في بحراً تصارعه الأمواج ونحن فيه ركاب إما أن نصل فيه بعد الله إلى بر الأمان وأما أن نغرق في باطن الأعماق والذي يقودها عالم من الأوهام يغمرها مسافات تلوها مسافات وسقوط الى أسفل الأعماق حتى الوصول إلى القاع وقد يعتقد البعض أنه يجيد الغوض وأنه يطفوا بالاتجاه الصحيح وأنه في سلامة واطمئنان وأمان، فيباغته الأمر والحال فلا رجعت بعدها الى ماهو مستحال وندمه وألمه يلحقه بمافات، فكم من بيننا من فقد عليه غالي أب وأم وأخ وأخت وأبن وبنت وزوجة أو زوج وصديق ورفيق وصاحب وزميل فإن كانت له مظلمة أو عليه مظلمة فالحساب بينهم عصيب والوجع لفقدهم اليم فلا استهانة ولاتسويف، فهنيئاً لمن جد وأجتهد وعمل للحياة الأبد، فكما يقال في الأمثال ( من جد وجد ) ( ومن زرع حصد )، فالحياة محطات ومراحل فلا نجاة ولا سلام الا بالتوكل على الله وطاعة الرحمن وما في باطنها من منقذ الا برحمة الله وأمره، فما كان للشر عظيم شأن وما كان للمكر واللهو عزيز أمر فلا يفيد بعدها التسامح وطلب الرضا ولا يفيد بعدها الصراخ والتوبة لرب الأرباب، فشمروا يامن لازلتم على قيد الحياة فبروا آباؤكم وأمهاتكم وصلوا أرحامكم ورفاقكم وأكرموا عوائلكم وأحسنوا في معاملاتكم وتعاملاتكم واجعلوا عنوان وديدن حياتكم الوفاء والحب والعطف والعطاء والسلام، اسمحوا وسامحوا وتسامحوا وعفوا واصفحوا وتغاضوا وتراحموا قبل فوات الأوان، فقد من الله على البشرية أن جعل بينهم التعايش والمودة والرحمة والتراحم والآلفة والمحبة والتآخي والأخوة وصلة الرحم والوحدة وإعانة البعض في الخير وعلى الخير وقول الخير ودلنا ديننا الحنيف على التماسك مع الجماعة على دينه القويم ووحدة الصف مع ولاة الأمر أعزهم الله وأعانهم فمن نزوت التعايش في الحياة الاحتكاك والإختلاف في الرأي وفي المشورة وفي الطباع والأمر فلا تخلو الحياة المعيشية البشرية من ذلك ولذلك دلنا ديننا على أمر عظيم وجعل له شأنه وفضله الكبير فأوجب علينا أمر الإصلاح بين الناس قال الله تعالى: ( وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) وهذا أمرٌ لابد منه، أصلحوا مابينكم وبين إخوانكم وأقاربكم، وأصحابكم أصلحوا بين النفوس، قربوا بينها، أزيلوا أسباب العداوة والبغضاء، فالموت والوداع لايطرق باب ولايتاح للعذر بعدها مجال، فدل الكتاب والسنة على فضل الإصلاح بين الناس قال الله تعالى في فضل الإصلاح: { لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } النساء:114) وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبركم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟) قالوا: بلى يارسول الله، قال: ( صلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: إنها تحلق الشعر، ولكنها تحلق الدين )، فلما كان نفع إصلاح ذات البين متعدياً وخيره يعم وفائدته شاملة صار أجره عظيماً.
فبادروا بالصلح والتسامح والبعد عن البغضاء والتشاحن والتخاصم قبل ان يحين الأجل ولا ينفع بعدها الندم فان لم تكن مظلوماً فالأهم ان لاتكون ظالماً.
مؤلم بكل المقاييس في قلب كل شخصية فارقة الحياة أسرار لم تبح بها فاحذر أن يكون بينها في قلبه مظلمة عليك فلاحيلة لك الابمصاحبة الندم ولعل بالاستغفار والتصدق عنه يحدث الله لك الفرج فأحسن الاعتذار والتسامح والعفو وأحسن الظن بالله والظن بالناس وأحفظ لسانك قبل فوات الأوان وقبل ان تعض أصابع الندم ماداموا على قيد الحياة.
كتابنا
> قبل أن يحين الأجل
قبل أن يحين الأجل
14/01/2018 12:50 م
قبل أن يحين الأجل
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/36199/
التعليقات 1
1 pings
خليل الربيع
19/11/2018 في 7:41 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله عليك اخوي متعب دائما في الطليعه ….اسلوب راقي بتعبيرك اللغوي الدعوي الارشادي التوعوي …..املى ان ارى كتاباتك في دفة كتاب لتعم الفائده للجميع .دمنا سالمين اينما كنا .
اخوك خليل الربيع بوهيا ،،،تواصل معي وبكتاباتك بجوالي