فعلاً حاطب ليل ضجر !! ، تصف العرب ممن يحتطب ليلاً فيخلط ماأحتطبه مع أشياء أخرى لا تنفعه ولربما أهلكته بحاطب ليل ضجر !، ولأن الحطب يجمع نهاراً ليفند الرجل الحطب الجيد من غيره .
وهذا هو حال فئام كبيرة من الناس لديه مقومات الحياة الكريمة ، بل المترفة ، بل النعيم ، ومع ذلك فهو ليل نهار يعدد ويفند النقائص في حياته والكون كله ، ناسياً أو متناسياً ما لديه من نعم تتوالى وهبات يرزق بها ليل نهار ، وقعد يزفر ويتنهد بحجم النقائص ، والخوف ينهش فيه ويستشري كما تفعل النار في الهشيم .
ذات مرة جلست مع المستخدمات في إدارتنا ، وأتأمل في حديثهم ، وهم يكثرون الحديث عن نعم الله عليهم ، وأنهم خير من كثير ممن حولهم ، في وظائف ، ورواتب ، وأعطيات ، وأبناؤهم في خير ، وهم يتلون الحمد والثناء بعد الثناء على الله وما أعطاهم من خير !! ،وفي نفس المساء ألتقي بسيدات لديهم من الخيرات والنعم ، ما تعجز أن تعدده ، ومجلسهم يئن بحديث الشكوى والتذمر والأنين والتسخط مما يجعلك تفر منهم فرارك من الأسد !!.
لا يدرك أمثال هؤلاء نسأل الله المعافاة أن مسلسل الشكوى والتذمر المستمر ينسحب على العافية والصحة ، وانهيار الصحة النفسية بشكل تدريجي ، فلا يرون مع انهزاميتهم جمال قط في حياتهم ، ولا في الحياة ، ثم يتحول هذا لمرض عضوي يأكل عافيتهم يوما بعد يوم ، ومع هذا فهم يعيشون في جحيم وهمي يكبر لحظة بعد لحظة دون البحث عن علاج لوقف السيل العارم ، الذي تأثرت به أسرهم وكل من يتصل بهم .. اللهم المعافاة منها ومن كل ذنب .
وهؤلاء نموذج من نماذج الاحتطاب ليلاً بكل ضجر وتجهم وعبوس !! ، متناسين أن الله معنا في كل حين ، وأن كرمه فياض في حياتنا في كل جانب ، وأن الشكر له والامتنان أقوى علاج يستخدم حالياً في أحدث الدول الغربية ،لما رأوا من نتائج فورية انعكست على الصحة والمال والتطور في كل مجال ، وباتت مراكز متخصصة تعطي فصولاً تدريبية خلال 28 يوماً يتدربون على آليات الامتنان والشكر ، وكيف يتذوقون طعم العافية والثراء والجمال ، بل أن النتائج فاقت التصور من شفاء من أمراض متقدمة لدى أصحابها .
نحن كمسلمين وضمن أوراد الصباح والمساء لدينا ورد الشكر للديان فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَنَّامٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ)).
ويقول دينيل كارنيجي “إذا أردت أن تحيا سعيداً ، فعدد نعمك وليس متاعبك ” ، هذا وصفة سحريه أخرى لنا ، من خلال تذكر ما لدينا من نعم والثناء للباري عليها حين حرم منها آخرون فضلاً منه ومنة .
لذا صم أذنيك عن مسامع الخوف والرعب الذي يكرره المرجفون حولك ، وأسمع لذكره سبحانه المطمئن للقلوب ، وأحسن زمام التوكل عليه وله ، فأن حدثوك عن الفقر فأبلغهم أن الله الغني يرزق من يشاء بدون حساب ، وأن بثوا في أوردتك الرعب عن المستقبل فأخبرهم أن الله الرزاق ذو القوة المتين ، فكيف تخشى الفقر وأنت عبد الغني .. سبحانه .
رحمة الله الرحيم أوسع ، وفرجه قريب وسأله لا يخيب .. هذا تمتمات تعلمتها من جدتي أم مبارك .. تعلمتها منذ صغري .. كنت أحفظها ، لا أعي لها معنى .. اليوم أتذكرها بقين أن الله معنا ، وأنه الوهاب ذو القوة العليم .
عزيزي القارئ ..أطمئن لرزقك .. الذي رزق دودة عمياء في وسط صخرة ، في وسط البحر بإلهامه لنملة ، لا يرزقك .. جدد ثقتك بالله ، فالله هو الله .. سبحانه .
كتابنا
> حاطب ليل ضجر!
حاطب ليل ضجر!
12/01/2018 12:50 م
حاطب ليل ضجر!
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/36060/
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
لطيفه
13/01/2018 في 1:50 ص[3] رابط التعليق
الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه
لطيفه
13/01/2018 في 1:52 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك الاخت وفاء وبورك القلم ?
خليفة العيادة
13/01/2018 في 2:35 ص[3] رابط التعليق
موضوع جميل يا أختاه لكن مع الاسف الشديد ان الذي يتأفف ينعمون بنعم كثيرة لكن طغة عليهم المادة نسأل الله السلامه
بيض وجهك ورحم والديك واسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة
هدى الحزيم
13/01/2018 في 12:20 م[3] رابط التعليق
نظرة التأمل في الاحوال وصياغتها بشكل جميل وايجابي يدعوا للعمل والتصحيح ديدن الحامدون الشاكرون
نحتاج لترسيخ قيم الشكر ( بل علمنا رسول الله ان من لا يشكر الناس لا يشكر الناس ) فكيف برب الناس – اللهم لك الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه تحية ملئ الكون للدكتورة وفاء