لم يُمارس علي التنمر قط ..
لكنني رأيته على طفلة صغيرة حين كنت في الصف السادس الإبتدائي ..
رأيت هذا التنمر من مجموعة على احدى الطالبات من الصف الأول الابتدائي ..
لم أتحمل مضايقتهن لها ، فذهبت بلا تفكير اتجاههم و قلت و أنا أمسك باحدى يدي المتنمرات ” خير ؟ ماذا تريدون من أختي ”
كانت النظرات تبدو مندهشة ، وأصبحوا ينظرون للطفلة و لي بشكل سريع ، ليتفحصوا الشبه بيننا .. وكانت الصدفة العظيمة هنا ، أنها كانت تشبهني في لوني و شعري و كنا نلبس النظارة الطبية كذلك ..
المهم ، مرت الأيام و تركوها بحال سبيلها و لم يتعرضوا لها قط ، لكن هذه الفتاة تعلقت بي كثيرا ، لدرجة أنها قد صدقت تماما بأني أختها ..
أذكر أنها قد دخلت لفصلي فجأة وهي تبكي و قامت باحتضاني ، لم أعرف وقتها سبب بكائها ، كنت في حالة من المفاجأة أساسا ..
وتكررت المواقف بيننا بأن تأتي و تلتجئ لي ، إلى أن وضعتني بموقف كان صعبا علي ذاك الوقت ..
إحدى المعلمات أرسلت بطلبي ، وحين وصلت لها ، وجدت الفتاة بجانبها و هي مبتسمه ، تسألني المعلمة : أختها ؟
لا أعرف بماذا أجيب ، ولم أفكر بعقوبة الكذب ، ترددت ربما ، لكنني حين رأيتها تنظر لي بتلك الطريقة الحانية .. قلت بمزحٍ : نعم أختها ، ألا ترين الشبه بيننا ؟ 🙂
ثم قامت المعلمة باخباري عن مستواها و عن حضورها بالفصل وما إلى ذلك ..
أذكر أيضا أثناء وقت الفسحة ، أراها من بعيد تبحث عني بقلق ، وما أن تصل لي حتى تقوم بامساك يدي بقوة و البقاء معي طوال الوقت ..
في الحقيقة ، تنتهي ذكرياتي معها هنا ..
لا أذكر كيف ودعتها حين خرجت من مدرستي للمرحلة التالية ، ولا أذكر إلا اسمها الأول فقط ، ولا أذكر شيئا عن عائلتها سوى أنها الوحيدة ، أذكر ملامحها جيدا ..
عيناها الواسعتان ، شعرها الأشقر القصير ، جسمها النحيل ، نظارتها الزرقاء ..
لقد كانت أجمل مني بكثير ، كانت روحها نقية وبيضاء ..
تذكرتها الآن فجأة ولا أعلم لمَ !
تأملت كيف يضع الله بطريقك أشخاصا لم تتوقعهم أبدا كي يمتحن مشاعرك ..
كان الأمر أشبه بقصة خيالية ، لكنها لم تكن كذلك ..
ما أريد قوله من ذكر هذا كله ..
أن الطفولة عالم واسع وبريء ، يعلمنا الكثير من المعاني التي لربما أغفلناها في مشاغل الحياة ..
عالمهم لا كذب فيه ولا نفاق ، تشعر و كأنك تمتلك ملائكة صغيرة حولك ، تهديء من نفسك ، تؤثر في كيانك ، ومهما كنت كبيرًا تجعلك أصغر بكثير مما أنت عليه ..
و أخيرًا ..
كل طفل بهذا العالم يستحق الاحتواء و الاهتمام ، كي لا يشعر بالخوف و الضعف من مواجهة الآخرين ..
كل طفل بحاجة لقوة يستمدها من أقرب الناس له حتى يستطيع العراك مع الحياة .
كل طفل بحاجة لبطل يكون مكملًا لقصته .
كتابنا
> ذكرى طفولية
ذكرى طفولية
13/10/2017 12:50 م
ذكرى طفولية
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/23367/
التعليقات 7
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
Hoor
14/10/2017 في 2:45 ص[3] رابط التعليق
ما شاء الله كتير حبيت ? لو تطلع لك الان وتقولك انا هي نفسها البنت ! ?
روان جابر
28/10/2017 في 5:20 م[3] رابط التعليق
الله .. ستكون هناك سعادة كبيرة جدا بقلبي ❤ ، أتمنى ..
Hoor
14/10/2017 في 2:46 ص[3] رابط التعليق
ما شاء الله كتير حبيت ? لو تطلع لك الان وتقولك انا هي نفسها ?
a.s
14/10/2017 في 5:40 م[3] رابط التعليق
ماشاءالله اهنييك على كلامك ودقة تعبيرك ??كلام قممة في الجمااال استمري
روان جابر
28/10/2017 في 5:21 م[3] رابط التعليق
ريس يسعدك ، على راسي أنتم ❤
منيره
14/10/2017 في 7:04 م[3] رابط التعليق
كما قلتي كأنها قصة خياليه !
شكراً لعطفك الذي مضى، انا متأكد ان تلك الطفله تذكرك بخير ?
روان جابر
28/10/2017 في 5:22 م[3] رابط التعليق
أشكرك جدا على قراءتك ❤ دمتي بخير ?