مهنة المحاماة مهنة تسعى لإظهار الحقائق وإثباتها بالأدلة والشواهد، وبحكم طبيعة العمل بها تجدها مليئة بالإثارة والمفاجئات، حيث يتولى المحامي مهمة الدفاع عن الناس تارة وإثبات حقوق الناس تارة أخرى، أن مهنة المحاماة هي مهنة الحريات وإطلاق الفكر الإبداعي إلى عنان السماء حيث يتنقل صاحب تلك المهنة بين الأنظمة والقوانين ووسائل الدفاع وأدله الإثبات إما من أجل تبرائة شخص أو إثبات إتهام أو إسترجاع حق، أو إنكار باطل، يقول صولون إنه” لا يمكن تصور حكم بدون مدافع أو حكم بغير دفاع”، أن مهنة المحاماة ضرورة من ضروريات العدالة، فهي مهنة قائمة على خدمة الناس في إقتضاء حقوقهم والدفاع عنهم. ونجد أن شعار أصحاب تلك المهنة الشرف والأخلاق أولًا، ولا يجوز إفشاء أسرارها ثانياً، ومن أهم مميزات أصحاب تلك المهنة أنهم يمارسون مهنتهم بشغف ورغبة في تقديم كل الدعم إلى مجلس القضاء من أجل تحقيق العدالة.
إن المحامي يسعى دائماً إلى بيان جوهر الحقائق القانونية أمام القضاء، ويرسم الخطى القانونية في التعاملات بين الناس سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الشركات من أجل أن يسير المجتمع بخطى واثقة محاطة بإطار قانوني يساهم في الحفاظ على عملية التنمية والتطوير وتحقيق الخطط والاستراتيجيات.
إن مهمة المحامي الدفاع عن المظلوم والظالم، ولا يفهم من ذلك تبرئة الظالم إنما يقصد بها إظهار الدوافع التي وقعت من أجلها الجريمة، فمن ارتكب جريمة قتل على سبيل المثال ، يمكن أن يكون قد أرتكبها بدافع الدفاع عن الشرف أو النفس وليس بدافع إجرامي، وهذا ما يجعل من مهنة المحاماة من أسمى المهن لما تحمله من رسالة ساميه هدفها تحقيق وإيضاح العدالة، يقول المستشار عبد العزيز فهمي رئيس محكمة النقض المصرية “إذا وازنت بين عمل القاضي وعمل المحامي…لوجدت أن عمل المحامي أدق وأخطر، لأن مهمة القاضي هي الوزن والترجيح، أما مهمة المحامي فهي الخلق والأبداع والتكوين ”
تشهد المملكة العربية السعودية تحركات ثابته وسريعة نحو الأفق وفق رؤية المملكة 2030، وتحقيق الثقافة القانونية والعدالة أحد أهم الركائز التي تقوم عليها خطة الرؤية، والمحاماة أحد الأعمدة التي يعتمد عليه القضاء في تحقيق العدالة، فدعم المحامي وتطوير عمله القانوني سوف يرفع من مستوى كفاءته، ونشر ثقافة مفهوم مهنة المحاماة بين أفراد المجتمع، وإيضاح الدور الذي تقوم به في مساندة القضاة والعدالة، وهنا يأتي دور وزارة العدل والإعلام بنشر تلك الثقافة بين المواطنين وتنمية مفهوم المحامين والثقافة الحقوقية بين أفراد المجتمع فالمحامي له تأثير قوي في العملية القضائية ونشر الثقافة القانونية والأهم من ذلك الحماية القانونية عن طريق توضيح الواجبات والحقوق الخاصة بكل مواطن.
وهنا أستشهد بمقولة رائعة لأمير الشباب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ” دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة” ومن هذا المنطق يجب توحيد الجهود في إظهار مهنة المحاماة وإيصال الرسالة التي يقوم بها المحامي، ومنح المحامي الحصانة المهنية في المجتمع وأمام القضاء والجهات الرسمية والشراكة في العملية التنموية وخصوصاً أنه يتمتع بكثير من الخبرات التراكمية في الجوانب القانونية والنظامية والإيمان بدوره، من أجل وضع تلك الكوكبة من رجال القانون في الإطار الصحيح لخدمة الوطن والمواطنين وتحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، يقول الفيلسوف الفرنسي سارتر” لا يوجد شيء اسمه المستقبل، فالمستقبل هو ما تصنعه أيدينا الآن…. ”
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية الامم المتحدة (حقوق الانسان)
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com